قال ابن الجوزي - رحمه الله - : (الدليل بالفعل أرشد من الدليل بالقول)
صيد الخاطر ص144
علينا أن لا ننشغل إلا بأنفسنا وتحقيق العبودية لله تعالى وإصلاحها حتى تستقيم على أمر الله وحده وهذا كفيل بأن يشعرك بأن لحياتك معنى فلا تنشغل بالتوافه وبنيات الطريق
أراد أحدهم التقدم إلى وظيفة معيد في إحدى الجامعات وسعى في القبول غاية جهده واجتهد في الوساطات والشفاعات من قريب وبعيد وبعد المفاضله بين المتقدمين, قُبل من هو أجدر منه علما وكفاءة وكان قد أخطأ في المقابلة الشخصية ولم يجب عن بعض الأسئلة وحين علم أنه لم يقبل أرسل رسالة إلى المسؤل عن القبول في تلك الجامعة والذي عُرف بالصلاح والتقوى يقول فيها: ( أنا بجوار الكعبة وبين الحطيم والمقام أسأل الله أن لا يبارك لك في أهلك ومالك وأن يفعل فيك.....الخ)
فرد عليه بأخلاق الكبار: ( إن كان هذا دينك وعقلك فقد أرحت واسترحت)
حين تلتقي بإنسان لفترة محدودة وتعلم أنك لن تلتقي به بعدها إلا أن يشاء الله فإن هذا اللقاء سيكون مختلفا تماما عن كثير من اللقاءات التي ينتابها الملل والرتابة او الخلفيات السابقة والمواقف السلبية أوالضغائن أو عدم القبول لمن أمامك
والإختلاف هنا ليس في طبيعة اللقاء وماهيته بل في جوانب عدة منها البشاشة والمودة الصادقة دون تكلف أو طلب مصلحة عاجلة أو آجله ومنها كذلك الرغبة في أن يكون ذلك اللقاء ذكرى جميلة يتذكرك فيها بمشاعر الود والشوق والزلة مغتفرة لأن التسامح سيد ذلك المجلس فلا عتاب ولا لوم فضلا عن التجريح والخصام وبما أنها فرصة لن تتكرر فلن يثقل عليك شيء في تلبية رغباته أومساعدنه مادام ذلك بمقدورك
ولو تذكر الواحد منا أناسا لهم ذكرى عطرة ومنزلة كبيرة في قلبه قد لا يكون مدة لقائنا بهم دقائق معدودة أو ساعات محدودة فكيف استطاعوا التأثير على قلوبنا لهذه الدرجة وبسرعة كبيرة
فكم نحن بحاجة إلى أن نغرس في قلوب من لقاهم بذورا للحب الصادق والوداد المفعم والابتهاج برؤيتهم وكرم النفس تسقيها الأيام وتزيدها نماءا ورعاية ونتعاهدها بطيب الوصال فبها تزدان الحياة